أثر التجارة الخارجية على التنمية الاقتصادية
ما أثر التجارة الخارجية على التنمية الاقتصادية؟
إنّ انخراط الدولة في التجارة الخارجية واهتمامها بها يحقق النمو بالناتج المحلي الإجمالي الذي يتأثرُ بحجم الصادرات والواردات، ويعدّ رفع مستوى كفاءة الصادرات مهمًا حتّى تُنافس في الأسواق العالميّة، وتحقق الإيرادات التي تُسهم في التّشجيع على الاستثمار، وزيادة التأثير إيجابًا على الحركة الاقتصاديّة في الدولة، وزيادة النمو الاقتصاديّ على المدى البعيد.
ويظهر اهتمامُ المملكة العربيّة السّعوديّة بالتّجارة الخارجيّة من خلال إنشاءِ الهيئة العامّة للتّجارة الدئّوليّة في عام 2019م؛ بهدف تعزيز المكاسب التجاريّة الدولية للمملكة، والدفاع عن مصالحها في مجالات التجارة الخارجية، ومن ثَمّ مساهمتها بشكلٍ فعّال في التنمية الاقتصاديّة.
ولأنّ عملية التصدير هي الخطوة الأولى في انطلاق الدولة إلى الأسواق الخارجية؛ فكان لا بدَّ من سعي المملكة لدعم عمليّة التصدير، تأكيدًا منها على اهتمامِها ودعمها للتّجارة الخارجيّة، وكان ذلك من خلال الموافقةِ على تأسيس بنك التصدير والاستيراد السعودي في عام 2020م.
كيف تدعم التجارة الخارجية التنمية الاقتصادية؟
تدعمُ التجارة الخارجية التنمية الاقتصادية عبر الآتي:
● تُوسع للشركات سوقها المستهدف
تزيد التَجارة الخارجيّة من عدد الأسواق المُتاحة أمام الشركات لعرض منتجاتها، ما يجعلها تحفز عملية الإنتاج وبيع المنتجات محليًّا ودوليًّا؛ لأنّ نمو الأعمال باستمرار هو ما يؤدي -بالضرورة- إلى تعزيز التنمية الاقتصاديّة.
وقد حققت المملكة العربية السعودية شوطًا طويلًا في ذلك؛ فبحسب التقريرِ السنويّ لعام 2021م الذي أصدره بنك التّصدير والاستيراد السعودي، كان من بين أهمّ إنجازاته في -هذا العام- وصول المنتجات السعودية إلى أكثر من 50 دولةً.
● تُحقق المزيد من الإيرادات
تعمل الشركات في العديد من الدول -وفي ظل التجارة الخارجية- على زيادة إنتاج الخدمات والسلع؛ وهو ما يحفز زيادة الإيرادات بمرور الوقت، ويُشجّع على المزيد من الاستثمارات التي تدعم التّنمية الاقتصاديّة.
● تُحقق معدلات نموّ أعلى
إن وصول الشركات إلى أسواقٍ جديدة، يزيد من فرصة تعرُّف الأسواق المستضيفة للخدمات التي تقدّمها هذه الشركات، وبالتالي نموّ الطّلب على المنتجات والخدمات التي تقدّمها -وغالبًا ما ستكون بأسعارٍ أفضل من السوق المحليّ- مما يدعم التنمية الاقتصادية.
وسيكون هذا النموّ ملموسًا أكثر في حال اختارت هذه الشركاتُ مجالًا تختصّ به لتُعرَفَ من خلاله؛ إذ سترتفع كفاءتها وميزتها التنافسية، وتنمو حصّتها في السوق العالمية؛ لتحقِّقَ التَنمية الاقتصادية في أفضل صورها.
● تُوفر فرص عمل
إضافة إلى فرص العمل التي تُتيحها التجارة الخارجيّة، فإنّ عمليّة توسيع الشركات للأسواق المستهدفة سيزيد من قدرتها في تقديم المنتجات والخدمات؛ ما سيخلق المزيد من الحاجة لفرص العمل المختلفة في الأسواق المستهدفة، ويزيد من أرباح هذه الشركات، فيتحقق الدعم في مجال التنمية الاقتصادية لكلا البلدين.
● تُحسن من إدارة المخاطر
إدارة المخاطر هي خطوة مهمة في عالم التجارة، فهي تُتيح للشركات دراسة التهديدات لرأس المال والأرباح، سواءٌ على مستوى المسؤوليات القانونية، أو مشكلات التكنولوجيا، أو سوء الإدارة، أو حتى الكوارث الطبيعية.
وهنا تأتي أهمية التجارة الخارجية؛ فإنّ توسعّ الأسواق المستهدفة يجعل الشركات أقل اعتمادًا على الأسواق المحلية، وهو ما يحسن إدارة المخاطر؛ لأنّ الشركات ستبقى منتعشة اقتصاديًا وتسهم في دعم التنمية الاقتصادية، دون القلق من المخاطر التي قد تضر بالسوق المحلي. خاصةً إذا قامت هذه الشركات بتنويع خطّ الإنتاج الخاص بها، وذلك بإيجاد أسواقٍ جديدة وقاعدة عملاء جديدة باستمرار؛ مما يعني -بالنسبة لها- الطلب والإنتاج المستمرّ.
● تجعل من الصناعة المحليّة منافسًا في الأسواق العالمية
تُتيح التجارة الخارجية للشركات تجرِبة منتجاتها وخدماتها على المستوى العالمي، مما يؤدي إلى زيادة احتماليّة تعزيز سُمعة بعض الشركات في السوق العالمي، وزيادة الطلب على ما تقدمه. وهذا ما يمكن أن يجعل الصناعة المحلية تنافس على مستوى الأسواق العالمية، ويزيد من الطلب على منتجاتها؛ وزيادة كهذه ستعمل على إنعاش الاقتصاد، وتحقيق مستوى أعلى من التّنمية الاقتصاديّة.
ولذلك أطلقت المملكة العربية السعودية برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في عام 2019م الذي يهدف خلق صناعة محلية تنافس في الأسواق العالمية.
● تبني علامة تجارية موثوقة
في حال توسعت الشركات في أسواقٍ جديدة خارجية غير الأسواق المحلية؛ فإنّها قد تواجه القليل من المنافسة التي ترفع جودتها؛ وهو ما سيجعلها تهيمن على هذه الأسواق، وتبني علامة تجاريّة موثوقة؛ لتأخذ حصتها من السوق، وتدعم النموّ الاقتصادي على المدى البعيد.
كيف يمكن دعم التّجارة الخارجيّة لتحقيق التّنمية الاقتصاديّة؟
حتى تدعم التجارة الخارجية التنمية الاقتصادية في البلد؛ فلا بدّ من دعم التجارية الخارجية فيها، وذلك ما يحصل من خلال الآتي:
● وضع إستراتيجيات فعّالة للتجارة الخارجية
يجب أن تُوضع هذه السياسات والإستراتيجيات مع ك من القطاعين الحكومي والخاص، وهو ما تقوم به الهيئة العامة للتجارة الخارجية في المملكة العربية السعودية؛ إذ عملت على إعداد الإستراتيجيّة الوطنية للتجارة الخارجية في عام 2021م.
تهدف الإستراتيجية الوطنيّة للتجارة الخارجية إلى تعزيز التجارة الخارجيّة وتمكينها في المملكة؛ وذلك من خلال وضعِ السياسات التي تفسح المجال لصادرات المملكة بالنفاذ إلى الأسواق الخارجية، وتطوير القدرات في هذا المجال بالتعاون مع القطاعين العام والخاص.
وقد حصدت المملكة نتائجَ ملموسة في مجال التّجارة الخارجيّة؛ فقد ارتفعت الصادرات السّلعية في شهر نوفمبر من عام 2022م (بما مقداره 113 مليار ريال) بنسبة 3.6% عن شهر نوفمبر من عام 2021 (بما بمقداره 109 مليارات ريال)؛ أي بارتفاع قدره 4 مليارات ريال. أما الواردات فقد ارتفعت في شهر نوفمبر من عام 2022م (بما مقداره 63 مليار ريال) بنسبة 26% عن شهر نوفمبر من عام 2021 (بما بمقداره 50 مليار ريال)؛ أي بارتفاع قدره 13 مليار ريال. يمثّل الرّسم البيانيّ الشريطيّ الآتي -حسب تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء في عام 2023م- الارتفاعّ في قيمة الصّادرات السّلعيّة والواردات في المملكة. (1)
● توفير المنتجات التمويلية لتنمية الصادرات
انطلاقًا من أهمية توفير المنتجات التمويليّة؛ يقدم بنك التصدير والاستيراد السعوديّ في المملكة العربيّة السعودية خدمات التمويل المباشر، وخدمات التمويل غير المباشر؛ لتعزيز تنمية الصّادرات السعودية. كما يتعاون مع البنوك التجارية والمؤسسات المالية؛ سواء أكانت محلية أم دولية، لتقديم خدماتٍ ماليّة متكاملة، هذا إضافةً إلى دراسة ومتابعة التطورات في هذه الخدمات، ومتابعتها وتحسينها ما أمكن.
● تعزيز المشاركة في المنظمات المعنية بمجال التجارة الخارجية
وهو ما تُعنى به الهيئة العامة للتجارة الخارجية التي تمثل المملكة في المنظمات والمحافل ذاتِ العلاقة بشؤون التجارة الخارجية، الإقليميةِ منها أو دولية؛ وذلك بهدف تعزيز الوجود الدولي للمملكة ومشاركتها الفعالة في مجموعةٍ من المنظمات المعنية في مجال التجارة الدولية.
وتعزيزًا لدورها في هذا المجال -وحسب تقرير الهيئة لعام 2021- فقد قامت على حصر كل الاتفاقيّات التجاريّة ومراجعتها، ثم اقترحت مجموعةً من الحلول لتستفيد منها المملكة في هذا الشّأن، ودرست الجدوى الاقتصادية لعقد اتفاقيّات التجارة الخارجية مع مجموعة من الدول، ثم قدّمت أولوياتها في هذه المفاوضات إلى مجلس التّعاون الخليجيّ؛ لمراجعتها وتحديد الدول ذاتِ الأولوية من أجل استئناف العمل معها.
● تنمية التبادل التجاري من السلع والخدمات
إنّ تنمية التبادل التجاريّ مع شركاء دوليّين -أي خلق مصالح تجارية مشتركةٍ لتبادل السلع عالميًّا- يحسن النمو الاقتصاديّ، خاصةً إن كان في مجال تقديم منتجات محلية ومتميزة، تتفرد بها الدولة وتحصد طلبًا عالميًا.
أسهمت الملحقيات التجاريّة من الهيئة العامة للتجارة الخارجية في تنمية التبادل التّجاريّ في المملكة العربيّة السعوديّة؛ فقد نجحت في تمكين نفاذ التمور للأسواق العالمية تحقيقًا لكون السعودية المُصدر الأول عالميًا للتمور، وقد حققت نتائج واضحة في ذلك -حسب التقرير السنوي للهيئة- في عام 2021م، وأسهمت في زيادة صادرات المملكة من التمور السعودية إلى الأسواق الكورية بنسبة 52%، كما نسّقت اجتماعات مع أكبر 30 مستوردًا في منطقة الولايات المتحدة الأمريكية، وغير ذلك من الجهود.