مفهوم التَّمكين الاقتصادي للمرأة
ما مفهوم التّمكين الاقتصادي للمرأة؟
التَّمكين الاقتصادي للمرأة هي عملية يمكن للمرأة بموجبها زيادة قدرتها وضبطها للموارد الاقتصادية والمالية الأساسية؛ كرأس المال، والأجور، والأملاك العينية، ممّا يساعد في انتقالها من موقع اقتصادي أدنى في المجتمع إلى قوة اقتصاديَّة أعلى، ويمنحها استقلالية مادية في الدرجة الأولى.
وتأكيدًا على اهتمام المملكة العربية السعودية بالتمكين الاقتصادي للمرأة ألقى وزير الإعلام السابق الدكتور ماجد القصبي كلمة خادمِ الحرمين الشريفين -حفظه الله- في “مجموعة تواصلِ المرأة 20” -وهي مجموعة التواصل الرَّسمية التي خصّصتها مجموعة العشرين (G20) لتولّي شؤون المرأة- وقال فيها:”المملكة انطلقت في رحلة إصلاحيّةٍ غيرِ مسبوقة بشهادةِ المجتمع الدَّوليّ؛ لتمكين المرأة ودعم مشاركتها في التنمية الوطنيّة من خلال هذا النهجِ الشُّمولي. وتفتخر المملكةُ بالعمل لــ”مجموعة تواصل المرأة 20″ من خلال مساراتِها المختلفة، وترحّب بتوصياتِ المجموعة في هذا المجال، والتي تلائِمُ نهجَها الشمولي في تمكين المرأة”.
أهمية التَّمكين الاقتصادي للمرأة
لا يؤثر التَّمكين الاقتصادي للمرأة على التنمية الاقتصادية فحسب؛ بل يمتدُّ إلى التنميةِ الاجتماعية بدءًا من الأسرة التي تعيش فيها، ووصولًا إلى المجتمعات أو البلدان التي تنتمي إليها، وغير ذلك من المجالات.
وفيما يأتي وجوهٌ تتجلّى فيها أهمية التَّمكين الاقتصادي للمرأة:
تحقيق التوازن في فرص العمل بين الجنسين
إنّ مشاركة المرأة في سوق العمل بشكلٍ متوازن مع الرجل تعدُّ جزءًا من خطّةِ التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية لرؤية 2030؛ فمفهوم التَّمكين الاقتصادي للمرأة يُفسح لها الوصول إلى الموارد الاقتصادية في السوق، والتحكم في تلك الموارد، والحصول على عمل يتناسب مع رغبتها ومهاراتها، ومن ثَمَّ القدرة على المشاركة الهادفة في صنع القرار الاقتصادي في جميع مستويات حياتها؛ من الأسرة حتى مؤسسات الدولة.
وهذا ما أكَّد عليه رئيس صندوق التنمية الصناعية السعودي الذي توقع زيادة عدد النساء اللواتي يشغلن مناصبَ قياديةً في الصندوق في عام 2022 م؛ إذ يحرص الصندوق على زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة لديه، وذلك من خلال العديد من البرامج التدريبية للقيادة النسائية في الصندوق، وبرنامج القيادات النسائية الفريدة الذي يرعى المواهب النسائية، ويعمل على تدريبهن على المهارات اللازمة، ويقدم لهن الإرشاد بهدف تمكينهن في المناصب القيادية في المؤسسات، وتعزيز قدراتهن على مواجهةِ تحديات سوق العمل السعودي.
بناء أسرة أصح وأسعد
حين تحصل المرأة على فرصتها في سوق العمل، فإنها تعيش حياة مرضية وأكثرَ إنتاجية، كما تُصقَل مهاراتها صقلًا أفضل ينعكسُ على أسرتها، فتقدم مستوًى أعلى من الرعاية والتعليم لأطفالها، فتمنحهم حياةً صحية وسعيدة.
تحقيق النمو الاقتصادي
يزيد التَّمكينُ الاقتصادي للمرأة من الإنتاجية، ويسهم في زيادة التنويع الاقتصادي، ورفع مستوى الأداء التنظيمي في الشركات والمؤسسات؛ بسبب المهارات التنظيمية التي تمتلكها المرأة. وهو ما يحقق دخلًا أعلى على المدى البعيد، ويعزز النمو الاقتصادي في البلاد التي تُعنى بهذا المفهوم.
وهذا ما تسعى إليه المملكة العربية السعودية حول تمكين المرأة في رؤية 2030؛ فقد أولت العديد من الجهات -مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية– اهتمامها بملف التَّمكين الاقتصادي للمرأة في المملكة، وذلك من خلال تخصيص أحد أهداف رؤية المملكة بضمان زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل السعودي. وفي الحقيقة إنّ المملكة تجد نجاحًا ملحوظًا في هذا الملف، إذ تقود المرأة السعودية ما يقارب 45% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السعودية في عام 2022 م.
كيف يمكن تحقيق التَّمكين الاقتصادي للمرأة؟
يحتاج التَّمكين الاقتصادي للمرأة وضع خطة شاملة وطويلة الأمد للوصول إلى النتائج التي تسعى إليها الدول في هذا المجال، وهي تتطلب بذل الكثير من الجهود في سبيلها، وفيما يأتي أهمُّ طرائق تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة:
زيادة فرص التعليم للمرأة
يعدّ التعليم الخطوة الأولى في التَّمكين الاقتصادي للمرأة؛ إذ يُعزز التعليم بناء المهارات وصقلها لمواكبة التطورات التكنولوجية، وتحديات سوق العمل؛ مما يؤدي إلى مشاركةٍ أفضل للمرأة في سوق العمل.
فقد ارتفعت نسبة معدل إلمام النساء بالقراءة والكتابة في المملكة العربية السعودية كما هو موضح في الرسم البياني الشريطي الآتي -حسب معهد اليونسكو للإحصاء- من عام 2000 م حتى عام 2020 م؛ مما يؤكد زيادة الجهود المبذولة في سبيل تعليم النساء في المملكة.
توفير برامج تُسهل على المرأة مشاركتها في سوق العمل
قد تواجه المرأة بعض العقبات أمام دخولها إلى سوق العمل والاستمرار فيه، وإيمانًا بأهمية مساعدتها وتمكينها اقتصاديًا في المجتمع؛ فقد قدّم صندوق تنمية الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية برامجَ تُسهم في تحقيق الاستقرار الوظيفي لها ومنها برنامج وصول الهادف إلى مساعدة الموظفات العاملات في القطاع الخاص والقطاع غير الربحي على تخطي صعوبات المواصلات من -وإلى- مكان عملهنّ، بالتعاون مع تطبيقات توفّر مركبات تقدّم خدمة النقل عالية الجودة، وبتكلفة مناسبة لهنّ.
كما قدّم الصندوق -أيضًا- برنامج قرّة الهادف إلى دعم الأم العاملة في القطاع الخاص والقطاع غير الربحي عبر إنشاء حلقة وصل بينها وبين مراكز الضيافة لتسجيل أبنائها وضمان حصولهم على الرعاية المناسبة.
دعم رائدات الأعمال
حتى تصل الحكومات إلى تمكين المرأة اقتصاديًا عليها أن تدعم ريادة الأعمال النسائية، ومن هنا تلعب رائدات الأعمال دورًا ملحوظًا في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية، إذ بين مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة ارتفاع المنشآت التي تقودها النساء من 21.5% في عام 2016 م إلى 45% في عام 2022 م.
كما شجعت المبادرات والبرامج في المملكة رائدات الأعمال على متابعة أهدافهنّ وتمكينهنّ، منها برامج هيئة منشآت ومبادراتها، إذ مكّنت رائدات الأعمال من الدخول في قطاعات محددة، وتحقيق نجاح فيها، منها خدمات التجميل ورعاية الأطفال؛ حيث تقدّم ورش تدريب في هذه المجالات، بالإضافة إلى تقديم برامج تساعد في الوصول إلى التسهيلات الائتمانيّة والتمويل.
أمّا برنامج كفالة الذي شكل مبادرة مهمة لدعم رائدات الأعمال، فقد جاء ليساعد في تطوير أنشطة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع مجالاتها؛ من خلال دعمها للحصول على التَّمويل اللّازم لتحقيق ذلك، إلى جانب تشجيع مختلف المؤسسات الماليّة للتعامل معها، والمساهمة في تنمية المحافظات الأقل نشاطًا اقتصاديًّا، وتوفير فرص عمل جديدة.
توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للمرأة
جزءٌ من التَّمكين الاقتصادي للمرأة يكمن في توفيرِ بيئة آمنة وصحيةٍ لها في أماكنِ التوظيف، إضافة إلى التأكد من تقديم الأجور المناسبة لها؛ لتظهر لديها طاقاتٌ إبداعية جديدة، وبالتالي تسعى سعيًا أفضل في نمو المؤسسة التي تعمل فيها، وتطورها. وانطلاقًا من أهمية توفير بيئة عمل مناسبة، تُظهر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على مستوى بيئة العمل -ضمن مشروع تحقيق التوازن بين الجنسين في الخدمة المدنية- الحاجة لتفعيل مراكز ضيافة الأطفال في مقرات العمل في كافة القطاعات، بهدف خلق بيئة عمل محفّزة للمرأة العاملة، بالإضافة إلى توفير فرص وظيفية واستثمارية للنساء الباحثات عن عمل من التخصّصات المناسبة للاستثمار، والعمل في هذه المراكز.
[ratemypost id=”986″]