مفهوم التنمية الثقافية

ما مفهوم التنمية الثقافية؟

التنمية الثقافية هي تمكين الأنشطة الثقافية أو تعزيزها داخل المجتمع؛ لجعل أفرادِه أكثرَ ثقافةً وإدراكًا، مما يُحسن جودة حياتِهم. فالثقافة تفتح آفاقًا اجتماعيةً واقتصاديةً جديدةً في البلد الذي ينتمي إليه الأفراد، وهو ما يزيد دخلهم، ويُحقق رفاهيتهم على المدى البعيد.

من هذا المنطلق -وتنميةً للقطاع الثقافي في المملكة العربية السعودية- تأسَّس صندوق التنمية الثقافي بموجب مرسومٍ ملكي عام 2020 م. يهدف هذا الصندوق إلى تحقيق الاستدامة عبر دعم الأنشطة المعرفية والمشاريع الثقافية، وتسهيل الاستثمار في القطاع الثقافي؛ لتعزيز دوره في التنمية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، وتمكين المواطنين المهتمين بهذه الأنشطة من الانخراط فيها. ومن هنا يظهر فعالية الصندوق في تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة، وتحقيق رؤية المملكة 2030.

أهداف التنمية الثقافية

بحسب تقرير ذكرته صحيفة الوطن السعودية حول الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية لعام 2022 م اتّضح وجود 36,872 سجلًا تجاريًّا يعمل أصحابه في الأنشطة الثقافية في المملكة العربية السعودية، وهو ما يوضّح تركيز المملكة ودعمها للتنمية الثقافية، ويأتي هذا التركيز للوصول إلى أهداف ذات أثر كبير على المملكة، ومنها ما يأتي:

المحافظة على الموروث الثقافي

نظرًا لكون الثقافة تحمل هوية المجتمع، ومعتقداته، وعاداته؛ فإنّ التنمية الثقافية تُسهم في تعميق تلك المفاهيم لدى أفراد المجتمع مع مرور الوقت.

وقد حملت وزارة الثقافة السعودية -منذ تأسيسها في عام 2018 م- جزءًا من المهمة في الحفاظ على التّراث والتقاليد العريقة للمملكة العربية السعودية عبر تطوير 16 قطاعًا ثقافيًا، وهي: الموسيقى، والمتاحف، والتراث، والمسارح، والمكتبات، والتّراث الطبيعي، والفنون الأدائية، والفعاليات الثقافية، وفنون العمارة والتصميم، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والمهرجانات، والأفلام، والأدب، والأزياء، والكتب والنشر، لتشمل كل أبعاد الثقافة في المجتمع، بالتزامن مع العديد من المبادرات التي تركِّز على تطوير ثقافة الأفراد في المجتمع السعوديِّ.

نشر المعرفة

يعدّ نشر المعرفة من أهمّ أهداف التنمية الثقافيّة، إذ تُسهم المعرفة في رَفد المجتمع بالكفاءات والقدرات البشريّة التي تمتلك العلم، والمهارات، والإبداع، والطموح. كما أنّ المعرفة تُعدّ عِماد تقدّم المجتمعات وارتقائها.

تعزيز الفكر الإبداعي لدى الأفراد

إن العمل بجدٍّ على التنمية الثقافية في المجتمع، ودعمِ الأنشطة الثقافية التي تزيد من ثقافة الأفراد يعدُّ مقياسًا مهمًا لتطوير الإبداعين؛ الثقافي والفني، وهذا يساعد على تطويرِ المجتمع الذي ينتمون إليه. خاصةً إذا ركز العمل على تشجيع ريادة الأعمال الثقافية، وعلى زيادة وعي المواطنين بأهمية النّشاط الثقافي.

وهو ما تسعى إليه المملكة العربية السعودية عبرَ العديد من المبادرات؛ منها منصة (أبدع) التي تُسهل مزاولة الأنشطة الثقافية للراغبين في المشاركة أفرادًا كانوا أم مؤسسات.

تحقيق النمو الاقتصادي

تُعزز الثقافة النمو الاقتصادي في البلاد؛ عبر السياحة الثقافية والحِرَف اليدوية، وغيرها من المجالات. وإن العمل على التنمية الثقافية يُعد استثمارًا ناجحًا في عالم الاقتصاد، ويساعد على ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة في المجتمع.

وبالحديث عن المملكة العربية السعودية فإنّ رؤية السعودية تؤكد أنّ العمل على التنمية الثقافية في السعودية بإمكانه أن يُسهمَ بما نسبته 3% من الدخل القومي للمملكة، إذا ما استمرت الجهود المبذولة في سبيل تحقيق التنمية الثقافية في البلاد وفق الخطة الموضوعة.

وإنّ هذه الجهود واضحةٌ بالنظر إلى النِّسب التي توضح أنّ مدينة الرياض تحتل المرتبة الأولى في تركز الأنشطة التجارية المرتبطة بالثقافة بنسبة 38%. تليها مكة المكرمة التي تتركز فيها الأنشطة التجارية الثقافية بنسبة 26%، وتضاف إليها الجهود المبذولة في تطويرِ هذه الأنشطة في المناطق الجبلية مثل منطقة العسير الواقعة في جنوب غرب المملكة التي شهدت إطلاق شركة (السودة) لتطوير القطاع السياحي والترفيهي، وشركة (نيوم) في شمال غرب المملكة لتطوير الأنشطة السياحية والرياضيّة والترفيهيّة، وغيرها من المشاريع والمبادرات.

مجالات التنمية الثقافية

يوجد العديد من المجالات التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية الثقافية، ومنها ما يأتي:

التشجيع على اكتساب المعارف الثقافية والفنية

شجّعت وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية مواطنيها على دراسة المعارف الثقافيّة والفنيّة من خلالِ إطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، ويعدّ العمل عليه بمثابة تحقيقٍ لرؤية المملكة 2030 التي تسعى  إلى بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزهر، ووطن طموح. يُتيح هذا البرنامج دراسة مجموعة من التخصصات الثقافية مثل دراسة علم الآثار، والمتاحف، والموسيقى، والمسرح، وصناعة الأفلام وغيرها.

دعم الأنشطة والمشاريع الثقافية

يدعم صندوق التنمية الثقافي الأنشطة والمشاريع الثقافية المختلفة عبر عدّة برامج، منها برنامج تحفيز المشاريع الثقافية؛ فهو أول مشروع انطلقَ بالشراكة مع برنامج جودة الحياة؛ ليدعمَ مجالاتٍ ثقافيّةً مختلفةً؛ مثل صناعة المحتوى الثقافي ونشره، وإنتاج الأفلام، وترميم الآثار والمحافظة عليها وعلى التّراث الوطني، والتحول الرقمي في القطاع الثقافي، وترويج وتسويق الأعمال الثقافية، وغيرها.

كما أُطلق برنامج قطاع الأفلام بغاية تحفيز قطاع صُنَّاع الأفلام في المملكة العربية السعودية واستدامته، وذلك بإنتاج الأفلام الطويلة والمسلسلات أو بتوزيعها؛ إذ يستهدف هذا البرنامج المنتجين والموزعين وكافةَ منشآت القطاع الخاص التي تعمل في هذا المجال؛ لأنَّ رؤيتَه تكمنُ في تعزيز التنافسية في القطاع، وتحقيق الاستدامة فيه.

تطوير المكتبات

عملت المملكة العربية السعودية على تطوير المكتبات بعَدِّها جزءًا من سعيها السبّاقِ في التنمية الثقافية؛ إذ أطلقت هيئة المكتبات عام 2021 م إستراتيجيتها لتطوير قطاع المكتبات في المملكة العربية السعودية، وتحويلها من مجرد مصدر معلوماتي إلى منصات ثقافية متكاملة، تحتضن الأنشطة والفعاليات التي تجذب أفراد المجتمع السعودي، إلى جانب دورها الأساسي المرتبط بتنمية العادات القرائية وإثراء المعرفة، ورفع مستوى الوعي المعلوماتي أيضًا.

دعم الفنون بمجالاتها المختلفة

حيثُ منحت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع رُخصًا لـ 45 إنتاجًا سينمائيًا في المملكة العربية السعودية، و93 إستديوًا صوتيًّا للإنتاج الموسيقي حتى عام 2022 م.

كما وضّح تقرير الحالة الثقافية في السعودية لعام 2021 م -الصادر من وزارة الثقافة- اهتمام المملكة ودعمها للمجالات الإبداعية؛ إذ يوجد ما يقارب 6,684 سجلًّا تجاريًّا في المملكة يعمل في الدعاية والإعلان، و360 مؤسسةً تجاريةً لأنشطةِ الرسامين، والنحّاتين، والنقّاشين، ورسامي الكرتون، ومُرمِّمِي الأعمال الفنية. علاوة على تكريم خادمِ الحرمين الشريفين -حفظه الله- لعددٍ من الأدِيبات السعوديات دعمًا منه -وتعزيزًا- لدور المرأة في عالم الأدب.

إحياء التّراث

جزءٌ من التنمية الثقافية يجري العمل عليه من خلالِ إحياء التراث في المملكة العربية السعودية؛ إذ تخدم مجموعةٌ من المؤسسات النشطة في المملكة مجالي التراث؛ الثقافي والطبيعي، وذلك بإظهار هوية المجتمع السعودي في كل ما يتعلق به من أثاثٍ وملبوساتٍ ومنسوجاتٍ؛ فقد بلغ عدد مصانع الأثاث في المملكة 396 مصنعًا، و113 مصنعًا للمنسوجات، و156 مصنعًا للملبوسات حسب تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية لعام 2021 م.

كما توجد العديد من المبادرات التي تعمل على إحياء التراث السعودي منها مبادرة التراث الثقافي غير المادي التي تُحفز طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية وطالباتها على البحث المكتبي والميداني لتثقيفهم في التّراث الثقافي غير المادي. ومبادرة نقوش السعودية التي رعتها وزارة الثقافة وتستهدف أفراد المجتمع لإحياء التراث الوطني في مجال الفنون الصخرية، والنقوش على صخور المملكة وجبالها.


تقييم محتوى الصفحة

التقييم 4