التمكين المالي ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام
قبل أن نتحدث عن الشمول المالي، من المهم أن نفهم معناه، ورغم اختلاف التعريفات بين المؤسسات الدولية، فإن أغلب المهتمين يتفقون على أن الشمول المالي يعني تمكين كل أفراد المجتمع -رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، ذوي الدخل المحدود – من الوصول إلى الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، وإزالة أي عقبات تمنعهم من ذلك، وينظر للشمول المالي اليوم كأداة تساعد على تحسين جودة الحياة، والتخطيط المالي الأفضل للأسر والأعمال، والاستعداد للطوارئ.
كما يساعد الشمول المالي الأفراد في الحصول على خدمات مثل القروض والتأمين، ما يمكّنهم من بدء مشاريعهم الخاصة، أو استثمارهم في التعليم أو الصحة، وإدارة المخاطر المالية. هذه الأمور تسهم في تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات.
ومع تقدم التكنولوجيا ودخولها في مجالات المال والأعمال، بات من الضروري أن يحصل الأفراد والشركات على أدوات مالية رقمية، لتساعدهم في الإسهام في الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة، خاصة بعد جائحة كورونا؛ التي زادت من أهمية الشمول المالي الرقمي.
الشمول المالي أيضاً يدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ يرتبط بـ7 من أصل 17 هدفاً، مثل القضاء على الفقر، والمساواة بين الجنسين، والنمو الاقتصادي، وتوفير العمل اللائق، وتعزيز الحوكمة وحماية البيئة.
في المملكة العربية السعودية، ساهمت الحكومة من خلال برامجها ومبادراتها المتعددة في تحسين كفاءة القطاع المالي، ومن أبرز هذه الجهود برنامج تطوير القطاع المالي؛ الذي يتناول بوضوح التحديات المتعلقة بالشمول المالي في المملكة. ولهذا، تعمل المملكة على تنفيذ مبادرات من خلال صناديقها وبنوكها التنموية، كما تستفيد من التكنولوجيا الحديثة لرفع إنتاجية القطاع المالي وتوسيع نطاق خدماته، وقد اعتمد مجلس الوزراء في عام 2022 إستراتيجية التقنية المالية؛ التي تضمنت إجراءات تهدف إلى دعم الشمول المالي، مثل منع فرض الرسوم على فتح الحسابات، والسماح للبنوك باستخدام وكلاء مؤهلين لتقديم الخدمات في المناطق التي تفتقر للتغطية.
كما أشار صندوق النقد الدولي، في دراسة نشرت عام 2018، إلى أن المملكة حققت أكثر من 60 نقطة في مؤشر الشمول المالي، متجاوزةً بذلك متوسط دول المنطقة والعالم، الذي بلغ 55 نقطة، وبرزت المملكة في ثلاثة مؤشرات مهمة: امتلاك الحسابات البنكية، سهولة الوصول إلى الإنترنت، والقدرة على الاقتراض من المؤسسات المالية.
ولضمان استمرارية التقدّم في الشمول المالي، بات من الضروري رفع الوعي المالي لدى الأفراد منذ سن مبكرة، من خلال التعاون مع قطاع التعليم والإعلام، وتشجيع ثقافة الادخار والاستثمار والمسؤولية المالية، وتوفير خدمات تمويل مناسبة لكل الفئات في مختلف مناطق المملكة.
لقد أصبح التمكين المالي والشمول المالي من الضرورات لتحقيق النمو الاقتصادي، وتعزيز دور المؤسسات المالية في دعم التنمية، وضمان حصول الجميع على الفرص المالية المتكافئة، وهذه الجهود تسهم في نمو قوي، متوازن، وشامل، يعزز القدرة التنافسية للمملكة ويحقق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
إخلاء مسؤولية: تُعد المعلومات الواردة في هذا المقال معلومات عامة ، لأغراض تثقيفية فقط، وتهدف إلى تقديم رؤى عامة حول . ولا يُقصد بها تقديم مشورة مهنية متخصصة من أي نوع عرض المزيد